ورقة تعريفية عن شاعر الوطن محمدي ولد أحمد فال

بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على نبيه الكريم
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وإمام المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين
أيها الملأ الكريم أحييكم جميعا بأسمائكم وقاماتكم تحية من عند الله مباركة طيبة أن السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سلام كعرف الروض غب وكيف /
وإلا فنخل آذنت بقطوف /
سلام محب ليس ينسى ودادكم /
على حين ينسى الود كل أسيف/

أيها الحمع الكريم لقد شرفتم وكفيتم ووفيتم فأهلا وسهلا بكم مرة أخرى

أيها الحفل الكريم يسرنا أن نتحدث معكم هذا المساء عن شاعرنا الكبير ورمزنا الوطني العظيم الشاعر محمد ي ولد أحمدفال -عليه شآبيب الرحمة والرضوان-
وسنتحدث عن شخصية محمدي -رحمه الله تعالى – من خلال أربعة محاور :
المحور الأول : النشأة والتعليم
المحمور الثاني : الرحلات الدولية
المحور الثالث : العودة إلى الوطن
المحور الرابع : النضال والعطاء

في بيت من بيوت العلم والسياسة والقيادة والريادة ولد الشاعر الأديب والقائد الوطني البارز محمدي ولد أحمد فال سنة (1909 ) لأبيه محمد ولد سيدي أحمد ولد أحمدفال ولد السالم ولدبي ولأمه عائشة بنت العالم الأديب محمذن ولد محمد الأمين ولد أحمد ولدبي
في هذا البيت الجكني ولد محمدي وقد فقد والده وهو صغير فقامت أمه ( عائشة ) بسد هذا الفراغ – وكانت شاعرة وأديبة – حيث أشرفت على تربيته ورعايته فكان لها الأثر البارز في تكوين شخصيته ورسم معالم مساره – رحمها الله تعالى-
وقد بدأ محمدي دراسته بحفظ القرآن الكريم -كعادة أقرانه- ثم اتجه صوب محظرة أهل محمود بن احبيب -وهي إحدى المحاظر الجكنية العريقة والمتخصصة في القرآن الكريم – وقد تابع محمدي دراسته -في هذه المحظرة- حتى نال الإجازة في القرآن الكريم ثم سافر إلى محظرة “أهل أبات ” في ولاية تكانت حيث درس الفقه وعلوم اللغة العربية وبعد هذه الجولة بين المحاظر العريقة قرر محمدي -رحمه الله- السفر إلى المشرق- مرورا بالمغرب- لأداء فريضة الحج وهذا يقودنا إلى المحور الثاني وهو :

الرحلات الدولية :

ثم سافر محمدي -رحمه الله – إلى المغرب فنزل عند ابن عمه وابن خالته العلامة الكبير والشاعرالاديب محمد البيضاوي بن مانة الله( الباشا ) – رحمه الله تعالى-
وقد كان محمدي محل تكريم وحفاوة من طر ف ( الباشا ) حيث أكرمه وزوجه إحدى بناته وأسكنه في الطابق العلوي من بيته وأسندإليه مهمة تدريس أبنائه وكان ( الباشا) يرقب محمدي ومايصدر عنه من شعر ومواقف وأدب وطرائف !
وفي يوم من الأيام ترامي إلى مسامع (الباشا) أن محمدي يترنم بهذه الأبيات – على البديهة والارتجال – (من بحر الوافر ) :
ألا سر للبحير مجد سيري/
ولا ترخ الزمام إلى البحير /
ويمم أرضه وخبره عنا /
بأنا بعده لسنا بخير /

فلماسمع ( الباشا) هذين البيتين استدعى محمدي وقال له يامحمدي
ألست بخير ؟ فقال له محمدي نعم ياسيدنا لسنا بخير وإنما الراحة راحة القلب ! فضحك (الباشا )
وذات مرة دار حوار بين (الباشا) ومحمدي فقال (الباشا ) لمحمدي : ” أما علمت أني باشت “تارودانت ” فقال له محمدي نعم وأنا كذلك باشت ” لبحير” فضحك ( الباشا) !
وقد التقي محمدي – في هذه الفترة- ببعض علماء المغرب وأدبائها ثم واصل رحلته إلى الحج وفي طريقه إلى الحج مر بمصر فالتقى بابن عمه العلامة المحدث محمد حبيب الله بن مايأبي- رحمه الله تعالى- حيث أدرك ستة أشهر من حياته فلازمه وأخذ عنه وعن غيره من علماء مصر وأدبائها وكان محمد حبيب الله ينصح محمدي بعدم الانتساب للجامع الأزهر لأن القاهرة يومئذ كانت تشهد مو جة من الأفكار الوافدة والتيارات السياسية الجديدة التي ربما تخالف منهج الإسلام في التعاليم والأحكام والممارسة والخطاب وبعد وفاة محمد حبيب الله-رحمه الله تعالى – دخل محمدي ” الأزهر ” وسجل فيه فكان أحد طلابه وفي الأزهر يقول محمدي طلعته المشهورة التي سجل فيها أمانيه بالعودة إلى وطنه وما فيه من ذكريات البداوة وحياتهاالبسيطة وأيامها الجميلة يقول محمدي :
عاكب الأزهر والقسم العام/
والكليات أذي الصور ة /
شوفتي يل زاد أيام /
فيهم ذ كا مل مايور /
شوفني يلواحد فالذات /
لخويمات امبين امبيات /
وانشوف اخويمة فا عكيدات/
وانشوف اغنيمة محصورة /
وانشوف اكليبة واجديات /
وانشوف امعيزة مكصور ة /
تداعه فاسهاوي لخيام /
فاثر ازريبية مجروره /
ألل مكصور ة من كدام /
ولل مكصور ة من لوره /

هكذا سجل محمدي أشواقه وأمانيه العابرة للحدود والزمان وقد حقق الله له هذه الأماني بعد عودته لوطنه فحين حط ( محمدي )رحاله بالبحير رأى رجلا من أهل الفضل والقرآن وخلفة ( شاة ) تجسد صورة المشهد الذي كان يشتاق إليه !
فلما رأى محمدي هذا المشهد صاح من فوره : ” شاتي شاتي ” مما يدل على تعلقه بوطنه الصغير ( البحير ) وو طنه الكبير (موريتانيا)
ثم بعد مصر سافر محمدي إلى الأردن ولبنان وسوريا حيث كانت الثورة السورية -ضد الاستعمار الفرنسي- في أوج اشتعالها وكان محمدي حاضرا في تشجيعها وتأييدها ممايدل على أنه كان رجل أمة يحمل هموم أمته العربية والإسلامية أينما حل وحيثما نزل !
وإذا كان شوقى رحمه الله يناجي دمشق ويخاطب معالمها الحضارية لتنتفض ضد الاستعمار الفرنسي:
سلام من صبا بردا أرق /
ودمع لايكفكف يادمشق /
ومعذرة اليراعة والقوافي/
جلال الرزء عن وصف يدق/
دم الثوار تعرفه فرنسا/
وتعلم أنه نور وحق /
وللأوطان في دم كل حر /
يد سلفت ودين مستحق /
وللحرية الحمراء باب /
بكل يد مضرجة يدق /

فإن محمدي رحمه الله سار على نفس الدرب في مناجاة دمشق وإثارة حماسها لتستعيد كرامتها وحريتها ! يقول محمدي- رحمه الله – (من بحرالبسيط) :

تيهي دمشق بلا من ولا عار /
ماذا تجرعت من مر وأكدار /
تيهي دمشق كساك النصر سندسه/
مخضبا بدماء الظالم الضاري /
كم دافعوا عنك من سود مصفحة/
تسطو مسلحة بالمدفع الناري/
كم قاتل قتلوا كم صائل دفعوا /
كم فاتك فتكوا يعدو بأضرار /
ما عندهم للوغى إلا عصيهم /
أو البطولة أورمي بأحجار /
ياجنة العرب الأولى التي فتحوا /
لازلت في حلل خضر وأزهار /

ثم سافر محمدي -رحمه الله تعالى -إلى بلاد الحرمين الشريفين لأداء فريضة الحج وكان ذلك في أيام الملك (عبد العزيز) وولي عهده (سعود ) وقد التقى محمدى – في زيارته للملكة – بولي العهد (سعود ) ومدحه بقصيدة في غاية الجمال والإبداع يقول محمدي -رحمه الله – ( من بحر الوافر) :
ولي العهد تفديك الوفو د /
وتفديك الكتائب والجنود /
إلى أن يقول :
و(فيصلهم ) يغار البدر منه /
وتخبو الشهب إن طلع (السعود) /

ولما أنشد محمدي هذه القصيدة أعجب بها ولي العهد(سعود) فقام من فوره بإكرام محمدي وتبجيله ووضعه في المكانة التي تليق به

ثم قام محمدي -رحمه الله – بأداء فريضة الحج ثم اتجه صوب مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاور فيها فترة من الزمن ثم قرر العودة إلى وطنه وقد ودع محمدي المدينة ببيتين جميلين حملهما لواعج شوقه ومشاعر حبه وأمانيه بالعودة إليها لعله ينال شرف الدفن في ثراها الطاهر وبقيعها المبارك !
ولاشك أن وداع المدينة صعب على المحبين حيث تزدحم المشاعر ويزداد الشوق والحنين إلى هذه الأرض المباركة التي كانت مهبط الوحي ومنبع النور ودار الهجرة النبوية لذا حاول محمدي -رحمه الله- أن يعبر عن هذه المشاعر كلها فقال: ( من بحر الكامل) :
أنا مولع فمودع بسلام /
سأعود إن سمحت بها أيامي/
سأعود عودة ضارع متبتل /
علي تغيب في البقيع عظامي/

هكذا ودع محمدي -رحمه الله –
مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم متجها صوب وطنه- بعد سنوات من الغربة- وقبل الحديث عن عودة محمدي إلى وطنه يجدر بنا أن نقف وقفة تأمل وتقييم لأهم السمات البارزة والملامح المهمة التي تركتها رحلة المشرق في شخصية محمدي – رحمه الله تعالى – وذلك من خلال ما يلي:
أولا : لقد كان لرحلة المشرق أثر كبير ودور بارز في تكوين شخصية محمدي بأبعادها العلمية والأدبية والفكرية والسياسية والنضالية بل والثور ية – أحيانا – حيث نجد محمدي – رحمه الله – يكره الظلم والاستعمار ويعشق الحرية والاستقلال ذلك مايتجلى في تأييده للثورة السورية ومشاركتها طموحها في الحرية والاستقلال !
ثانيا : كان لرحلة المشرق أثر واضح في شعر محمدي فقد منحته طابع الحماسة والتجديد ورونق الحضارة والتأصيل حيث نجد في شعر ( محمدي) سلاسة الأسلوب الأندلسي وسهولة التعبير المشرقي ناهيك عن جمال اللغة والتصوير والانسيابية في التعبير
ثالثا : لقد التقى محمدي -رحمه الله- في هذه الرحلة بالكثير من العلماء والأدباء والشعراء والأمراء والقادة والزعماء حيث فتح عينية على دول وحضارات وشعوب وثقافات وهو ما منحه الكثير من المعارف والتجارب والعلاقات والمهارات التي أراد أن ينقلها لوطنه بغية النهوض به إلى مصاف الدول المتقدمة وهذا يقودنا إلى المحور الثالث وهو :
العودة إلى الوطن:
لقد كان بإمكان محمدي- رحمه الله تعالى – أن يعيش في المشرق حياة كريمة حيث كان محل تكريم وتبجيل أينما حل وحيثما نزل وقد وجد محمدي في المشرق ما يسر الناظرين ويلهم الشعراء والمغتربين من الأنهار الجميلة والمنتزهات الفسيحة والحدائق الغناء والبساتين الخضراء ناهيك عن الجامعات والمعاهد والكليات والمراكز القرآنية والمساجد الإسلامية ودور الثقافة ونوادي الأدب ومنتديات الفكر ودور الطباعة والنشر
هذا بالإضافة إلى مايمتاز به محمدي من المواهب والقدرات التي تؤهله لنيل أسمى الوظائف وأسنى المراتب في هذه الدول التي زارها وحط رحاله ببابها لكن محمدي- رحمه الله – آثر العودة إلى وطنه والعيش بين مجتمعه وأحبابه حيث كان الشوق إلى البحير سمير فؤاده ورفيق دربه لذا جاءت قصيدة (البحير) خاتمة السفر ودرة العصر وزهرة المجالس ولؤلؤة النوادي وزينة الحواضر والبوادي:
تناقلها الرواة بكل فج/
وأهدتها الحواضر للبودادي/

حيث كتبها محمدي بقلبه وأحاسسيه
وحملها رسائل شوقه ومشاعر حبه
فكانت قمة في صدق العاطفة والوفاء وجمال التصوير والإبداع ناهيك عن سلاسة اللفظ وحلاوة الجرس
والآن نقف مع محمدي على شاطي البحير ليلقي قصديته بعدفرقة دهر:

ألا يابحير الصفو واللهو والأنس /
عليك سلام الله ياوجنة الشمس /
عليك سلام الله يامرتع الصبا /
ويا مجمع الأحباب والأهل والجنس/
وياثمرة الألباب ياروضة الهنا /
ويا مذهب الآلام في الروح والنفس/
وياموقد الأشواق جئتك ثانيا /
ولكن برق الشيب يبدو على رأسي /
فلم تسلني مصر وزهو نعيمها /
ولم يسلني منها سرير ولا كرسي /
ولم تسلني لبنا ولا البين والنوى /
ولم أنس لاأنسى ولو كنت في رمسي
ملاعب للغزلان حول ربوعها /
كساها نسيج المزن بالورد والورس/
شربنا مدام الحب فيها صبابة /
عهود صبانا الغض والكأس بالكأس/
ليالي خود الحي يغرين بالهوى /
يواصلننا همسا ويبخلن باللمس /
صبرنا وهاجرناك في الشرق تسعة/
وآبت بنا ذكرى مواضيك بالأمس /
فأبنا بحمد الله في بارق المنى /
وكنا قبيل اليوم في حالك اليأس/
تمتع فؤادي بالبحير وأهله /
وليس عليك اليوم يا قلب من بأس/

هكذا عاد محمدي إلى البحير بعد غربة دامت تسع سنوات تغيرت فيها ملا محه وعلا الشيب رأسه :
وياموقد الأشواق جئتك ثانيا/
ولكن برق الشيب يبدو على رأسي/
وبين محمدي و (نزار قباني) قواسم مشتركة في سنوات الغربة ومشاعر العودة يقول ( نزار) بعد سبع سنوات من الغربة التي تتغير فيها الملامح والقسمات :
هل مرايا دمشق تعرف وجهي /
من جديد أم غيرتني السنين /
وحين نطالع خاتمة قصيدة محمدي
نجد أن الكلمات لم تسعفه في التعبير عن شعوره بعودتة إلى وطنه ولقد حاول الشعراء من قبله أن يعبروا عن هذا الشعور وهذه اللحظات فما استطاعوا لذلك سبيلا – لأن لحظة القدوم على الوطن لاتعبر عنها الحروف ولا الكلمات ولا الدموع واللغات- :
لا يعرف الشوق إلا من يكابده /
ولا الصبابة إلا من يعانيها /
والآن نذكر صورا ومواقف لبعض الشعراء الذين حاولوا التعبير عن هذه اللحظة الفاصلة في تاريخ المغتربين
وأعظم ما يكون الشوق يوما /
إذا دنت الخيام من الخيام /

فألقت عصاها واستقربها النوى/
كما قر عينا بالإياب المسافر /

وضحوة عيدي يوم أضحى بقربكم،/
علي من اللطف الخفي ستور /
وعلى هذا الدرب سار شاعرنا محمدي- رحمه الله-:
تمتع فؤادي بالبحير وأهله /
وليس عليك اليوم ياقلب من بأس/

لقد عاد محمدي- رحمه الله – إلى وطنه وموريتانيا تشهد حراكا قويا لنيل استقلالها وحريتها من الاستعمار الفرنسي الظالم وقد كان محمدي حاضرا في المشهد العام قبل وبعد مرحلة التأسيس
وهذا يقودنا إلى المحور الرابع من حياة محمدي ألاوهو:
النضال والعطاء:
لقد عاد محمدي -رحمه الله- إلى موريتانيا وهو يحمل مشروعا إصلاحيا عظيما وقبل الحديث عن معالم هذا المشروع يجدر بنا أن نبين أن محمدي كان حاضرا في المشهد السياسي والثقافي والنضالي حيث كان يواكب مسار التنميه في البلد فيبين مواطن الخلل ويثمن ما يراه من إنجازات ذلك مايتجلى في قصيدته التي سجل فيها إعجابه بالعاصمة الموريتانية الجديدة ( انواكشوط) وما فيها من إنجازات وجمال وتنظيم وتخطيط مما يجعلها تحاكي كبريات المدن العالمية والحضارية يقول محمدي مخاطبا الرئيس المؤسس ( المختار)
(من بحرالبسيط) :

الله أكبر قد أحسنت يا باني/
بنيان( أندلس) أم أي بنيان /
( مختار) ياباني الأوطان من عدم/
أجب سؤال دهيش الفكر حيران/
أهذه ( إرم ) الفرقان تنشئها /
بناة جن بأمر من (سليمان) /
أم قصر ( إشبيليا ) أيام زهرته/
ترنو له العين في حسن وإتقان/
أم هي (باريس) في ريعان نهضتها/
تنحو حضارة ( نابليونها ) الثاني/
ياحسنها طرقا سودا معبدة /
تمتد شرقا وغربا بين عمران /
كأنها قطع الزاجات هندسها /
فنان (رومة) أوفنان (يونان) /
تكاد تختطف الأبصار لا معة /
كأنما طليت بزيت دهان /
شكرا لماجدنا (المختار) سيدنا /
يخطو فينعشنا آنا ورا آن /
أتى لمنطقة( انواكشوط ) بائدة /
مسلوبة العيش في ضيق وأحزان/
بالعزم عمرها نصحا وحضرها /
حقا فلا كاسل عنها ولا وان /
فدتك نفسي من بان يرنحني /
بحسن وضع وأبراج وألوان /
سقتك عاصمة الأوطان غادية/
بوابل من غمام الودق هتان /
كم في نواحيك من نورالعلوم وفي/
تلك المعاهد من حور وفتيان /

وفي عيد الاستقلال يسجل محمدي – رحمه الله -إعجابه وفرحه بهذه المناسبة العظيمة التي تحن لها الأرواح وتشتاق النفوس سائلا الله الله تعالى أن يديم على موريتانيا نعمة الحرية والاستقلال يقول محمدي – رحمه الله -( من بحرالطويل) :
أياعيد عد لي مرة بعد مرة /
لك الله يا عيد الهنا والمسرة/
فأيامك الغر الميامين نزهة /
تحن لها أرواحنا حيث مرت /
فعد لي رعاك الله لازلت عائدا /
على راية خضراء تحميك حرة/
على أمة تفديك في كل موطن/
ترد الأعادي كرة بعد كرة /
أصرت على استقلالها بفعالها /
فآلت يمينا تستقل فبرت /
وكم حاول الساعون بالسعي ضرها/
وماضرها الساعون مثقال ذرة /

وحين ثار الجدل حول ترسيم اللغة العربية بعد الاستقلال كان محمدي -رحمه الله – حاضرا في المشهد السياسي والثقافي والنضالي وقد سجل له التاريخ نضاله الخالد في الدفاع عن اللغة العربية بوصفها لغة
القرآن الكريم والسنة النبوية والهوية الإسلامية الجامعة لكل مكونات الشعب الموريتاني وقد كان الرئيس ( المختار )-رحمه الله – يعد بترسيم اللغة العربية واعتمادها لغة رسمية في مويتانيا حيث كان مقررا أن يتم الإعلان عن ذلك في مؤتمر العيون والذي عقد في عام (1965 ) بمدينة ” العيون ” وقد سافر محمدي – رحمه الله – من أجل المشاركة في هذا المؤتمر الهام والذي كانت تعلق عليه الكثير من الآمال في ترسيم اللغة العربية حيث أنشد محمدي -في هذالمؤتمر- قصيدته الخالدة
(من بحر الوافر ):
لسان الضاد يرمق بالعيون /
إليك اليوم مؤتمر (العيون) /
ففكر في ديون الضاد حلت/
أمؤ تمر (العيون) ف بالديون/
فطور الشعب كان على منام /
تطور بعده طور الجنون /
لسان الضاد فارغة فؤادا /
كفاها من جفا ( وي ونون ) /
بريعان الشباب زهت وتاهت /
فهي اليوم يانعة الغصون /
فرسمها وإن غضبت ( أربا) /
وخل النوم ينعم بالجفون /
وخل رطانة هرمت وشابت/
فهي اليوم موشكة المنون /

وقد ختم هذا المؤتمر دون اعتماد اللغة العربية لكن محمدي ظل ثابتا على موقفه في الدفاع عن اللغة العربية إلى أن جاء قرار الحكومة الموريتانية بترسيم اللغة العربية عام
(1966) وقدكان كان لمحمدي -رحمه الله – دور بارز في هذا القرار الذي اتخذته الحكومة الموريتانية وما إن صدر هذا القرار حتى قام بعض السياسيين بالاعتراض عليه والاحتجاج ضده معتبرين أن القرار فيه ظلم لبعض مكونات الشعب الموريتاني وقدكان محمدي -رحمه الله – حاضرا في الرد على هؤلاء والدفاع عن اللغة العربية ومايحاك ضدها من مؤامرات ومخططات يقول محمدي -رحمه الله –
( من بحر الوافر) :

لسان الضاد ويحك ماالجواب/
لما فعل الغطارفة النواب /
وما هذا التهاون والتواني /
وما هذا الهجوم والانسحاب/
مغامرة جنت برمت بليل /
أقاموها وقد سدل الحجاب /
فما رأي (الرئيس) وعامليه /
فهل هذي مغامرة صواب /
إذا كان الصواب لسان قوم /
أعاجم لا يتم به الخطاب /
يرسم في البلاد ويصطفوه /
فذا لكم القرار إذا سراب /
لسان الضاد لاتجزع فإنا /
ليوث الأسد دونك لا نهاب /

هكذا كان موقف محمدي واضحا وصريحا في ترسيم اللغة العربية حيث ظل يدافع عنها بكل شجاعة في ساحات الفكر والنضال مما جعل قصائده في الدفاع – عن اللغة العربية – تفيض رقة وحماسا وثورة ونضالا وهي جديرة بأن تخلد في أدب المقاومة الثقافية وتكتب على واجهات المدارس والكليات والمعاهد والجامعات… ورغم نصاعة موقف محمدي وغيره ممن حملوا لواء الدفاع عن اللغة ورغم حسم الدستور -كذلك – لهذه المسألة إلا أن النقاش حولها مايزال موجودا وإن كان الاولى إدراج اللغة العربية ضمن الثوابت الجامعة والمسلمات الرافعة لهذا الشعب لكن الواقع الرسمي يقول عكس ذلك حيث ظلمت اللغة العربية في أروقة الإدارات والمؤسسات والخطب والمراسلات وفي مناهج التعليم وغيرها رغم أن ترسيمها سهل بالنسبة لهذا الشعب الذي قال أحد شعرائه :
لنا العربية الفصحى وإنا /
أعم العالمين بها انتفاعا /
فمرضعنا الصغير بها يناغي/
ومرضعنا تكورها قنا عا /
فنأخذها من الكتب اعتماد ا /
بما فيها ونأخذها ارتضاعا /
ورحم الله شيخ اللغة وفارسها المغوار الشيخ (عدود) حيث يقول :
هذي بلادكم التي لم يسلها /
عزل التصحر والخطوب السود/
حفظت عليكم مجدكم وتراثكم/
ولغاتكم فإذا الجذور شهود /

وإذا كان ترسيم اللغة العربية قد أخذ حيزا واسعا من نضال محمدي واهتماماته فإن التعليم النظامي هو الآخر كان من أهم ركائز مشروع محمدي الوطني والإصلاحي حيث نادي بأهمية التعليم النظامي بوصفه ضرورة عصرية وركيزة أساسية لمسايرة الركب الحضاري لأن التعليم عماد كل نهضة وأساس كل تنمية ومنطلق كل بناء وصعود فهو الذي يرفع الأمم والمجتمعات ويلبي حاجاتها في كل التخصصات وقد رفع الإسلام من مقام العلم والعلماء وكانت أول آية نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم تدعو إلى العلم والتعلم (اقرأ باسم ربك الذي خلق )
وانطلاقا من هذه القناعة الراسخة والمسلمات الثابتة جاء محمدي إلى وطنه الصغير ( البحير )وفتح مدرسة ليربي أجيالا وينشئ شبابا يسمو بهم إلى سامقات المجد ومراقي العز شعاره :
فعلم ما استطعت لعل جيلا /
سيأتي يحدث العجب العجابا/
ولاترهق شباب الحي يأسا /
فإن اليأس يخترم الشبابا /

وقدشكلت مدرسة محمدي -في البحير- لوحة فريدة في رسم الوحدة الوطنية في أبهى صورها وأسمى معانيها حيث كانت تضم كل مكونات الشعب الموريتاني دون تمييز أوإقصاء لأي شخص أو جماعة أوشريحة حيث كانت جامعة لكل أبناء موريتانيا في جو من التناغم والانسجام والمحبة والوئام ممايدل على أن محمدي -رحمه الله -لم يكن رجل فئة ولاقبيلة وإنما كان رجل دولة وقائد وطن ورمز أمة وملهم أجيال ومصلحا اجتماعيا جاء من مدائن المشرق وحضاراته ليخدم مجتمعه ووطنه وأمته من خلال مشروع إصلاحي متكامل يجمع ولا يفرق ويبني ولايهدم شعاره العلم وأساسه العمل وعنوانه الأخوة والاتحاد والتكاتف والعطاء والعدل والمساواة هكذا كان مشروع محمدي القادم من المشرق وقد قوبل هذا المشروع الوطني بمعارضة قوية -فور الإعلان عنه –
ومن الطبعي أن يجد محمدي -رحمه الله تعالى – معارضة قوية في مجتمعه ومسقط رأسه( البحير) لأن محمدي كان سابقا لعصره في الفكر والطرح والمشروع والخطاب والممارسة وعمق النظر واستشراف المستقبل ورغم المعارضة القوية التي واجهها محمدي إلا أنه ظل ثابتا على قناعته ومبادئه لاتهزه العواصف ولا تؤثر عليه الضغوط ولا تصده التحديات مهما كان مصدرها وموقعها !
ولئن كثر الحديث حول هذه التجربة وكتب عنها المؤرخون وسالت فيها أقلام عديدة فإن تقييمها بتجرد وإنصاف يقتضي منا أن نضعها في سياقها التاريخي لأن تقييم التجارب والأشخاص والمجتمعات ينبغي أن يكون بمقاييس زمانهم ومعايير عصرهم لابمقاييس زماننا ومعايير عصرنا فقد يكون واضحا لنا اليوم مالم يكن واضحا لهم يومئذ فقد كان المجتمع قريب عهد بالاستعمار الفرنسي وكان فيه نفور شديد من المدرسة النظامية مخافة أن تكون تابعة للمستعمرالفرنسي – وإن كان الواقع عكس ذلك – كما أن حياة البداوة وما فيها من ترحال وتتبع لمواطن الغيث ومنابت الكلأ ربما لم يكن يساعد في الاستجابة للتعليم النظامي ومايحتاجه من ثبات واستقرار وتعمير وبناء.. هذه بعض المعاذير التي قد تلتمس لأولئك الذين لم تكن لهم مواقف مسبقة من محمدي وإن كان الأولى أن يسلكوا سبيل الحوار لأن الحوار أسلوب حضاري ومنهج إسلامي والمستجدات – مهما كانت – ينبغي أن تناقش انطلاقا من معايير علمية واضحة غايتها الوصول إلى الحق بعيدا عن الأحكام المسبقة والاتهامات الجاهزة و قد قال التاريخ كلمته وأنصف محمد ي – كعادته في إنصاف المصلحين الصادقين- لكن ضاعت فرص كثيرة ومشاريع عظيمة قد لايكون تعويضها سهلا !
إن ضياع المشاريع الإصلاحية الكبرى لايدفع ثمنه جيل واحد وإنما تدفعه أجيال وأجيال ..!!
ورحم الله محمدي فما أجدره بقول الشاعر :
تشع سنا على وطن عزيز /
أضاع فتى وأي فتى أضاعا/

ولئن كانت دعوة محمدي- إلى التعليم في البحير- لم تجد تجاوبا كبيرا إلا أن هذه الدعوة كان لها صدى في مدن ومجتمعات أخرى :
فمن هذه المدن مدينة كيفا حيث كان محمدي يدرس فيها -بعدالبحير- وفيها الكثير من طلابه وأصدقائه ومعارفه ومايزال بعضهم موجودا إلى اليوم ومنهم من تولى وظائف سامية في الوطن
كما كان لأبناء عمومته ( أهل الحاج المختار ) تفاعل مع دعوته وتلبية لندائه وله معهم علاقات وثيقة حيث كانوا يكرمونه ويبجلونه ويحفظون له مكانته – وهم من أوائل من سكن العاصمة ( انواكشوط )- وفيهم يقول محمدي ( من بحر البسيط ) :

أبناء( يوسف) ناديكم يناديني /
يامنبع العلم والإحسان والدين/
ياراية الكرم الفياض يا ملأ /
حاز المكارم في كل الميادين/
يامعدنا ظهرت منه الشموس ضحى/
يامعدن النور يا خير المعادين/
أخصكم ( أسر المختار) سيدنا /
وعمنا منجب الغر الميامين /
أكرم بها ( أسرا) يحنو لها نسبي /
من دون (يوسف )أفديها وتفديني/
بني (العمومة ) إن الدهر منقلب /
على قفاه بأقلام القوانين /
تمرنوا ياحماة الدين وامتثلوا /
ومرنوا نشئكم كل التمارين /
مافرق النسب الأسنى تباعده/
يابعد تيرس من أرض( البياضين)/

ومن ركائز التنمية في مشروع محمدي الإصلاحي (الزراعة ) بوصفها من أهم الروافد الاقتصادية في توفير المقومات الأساسية وتحقيقق الا كتفاء الذاتي ناهيك عما فيها من مكافحة الفقر وتوفير فرص العمل ونبذ الكسل وانطلاقا من هذه المعطيات دعا محمدي – رحمه الله -إلى العمل في الزراعة والاستفادة من مياه البحير من خلال الاستثمار في شواطئه الجميلة وبطاحة الذهبية وكان لدية برنامج طموح في هذا المجال لزراعة القمح والشعير والرمان والعنب والفواكه وغيرها كما كان يشجع المزارعين الذين يزرعون ويعملون …وللنخيل مكانة خاصة في مشروع محمدي الزراعي حيث قام بزرع النخيل في بطحاء البحير الجنوبية و مازال الجل يذكر نخلته الشامخة التي كانت في بستانه – حيث تعد من أطول النخيل في بطحاء البحير-
وقد ظلت إلى عهد قريب تصارع عوادي الزمن وكأنها تريد أن تحدثنا عن تاريخ محمدي وأنه مر من هنا وهذه آثاره وتلك داره التي كانت تطل على الربوة المشرفة على البطحاء ممايدل على ذوق محمدي الرفيع في اختيار منازله في البحير وفي بطحائه !
ولاشك أن (نخلة) محمدي -هذه – التي كانت تناطح السحاب وترفض الانحناء جديرة يقول الشاعر -كابر هاشم – رحمه الله تعالى- :
عودوني أن لا أروم انحناء /
وليك الجدب- لويشاء -طويلا/
قدر النخل أن يظل دواما /
رافع الهام أو يكون قتيلا /

ومن ركائز التنمية في مشروع محمدي الإصلاحي (الإدارة )
حيث كان محدي لديه بعد إداري خاص وكان حريصا على أن يكون ( البحير )مركزا إداريا لامعا وقد طلب ذلك من الرئيس (المختار) في اول لقاء جمع بينهما وقد استجاب المختار لهذا الطلب فأمر بفتح مركز إداري في ( البحير) وقد تم تنفيذ ذلك في أواخر سنة ( 1967 )وبداية سنة (1968) حيث فتح المركز أبوابه على شواطي البحير ليستقبل أول حاكم رسمي ألا وهو (محمد ولد الحاج) ولم تطل مدته –
ثم جاء من بعده (سيدي أعمر ولدسيدينا ) حيث مكث مايقارب حولين ثم جاء ( أعمر ولد صيبوط) في بداية السبعينيات وقد ألف البحير وعاش فيه فترة ذهبية حيث ظل يمارس عمله إلى أن أغلق المركز أبوابه عام ( 1975) حيث تم تحويله إلى مقاطعة (باركيول ) وضاعت فرصة كبيرة – في مشروع محمدي – ماكان ينبغي لها أن تضيع حيث كان وجود المركز الإداري – في البحير – في غاية الأهمية ويعكس مظاهر الدولة ومواكبتها للأمن والتنمية والتعليم والصحة…
ولقد كان محمدي- رحمه الله – على درجة عالية من الوعي السياسي والفكر ي ذلك ما يتجلى في حرصه على الجمع بين المركز والمدرسة في البحير فهما ركيزتان أساسيتان في مشروع محمدي الوطني والإصلاحي
من أجل النهوض بالبحير والسمو به حتى يكون مثالا في التنمية والازدهار !
ولقد حدثني رجل الأعمال البارز (سعدنا ولد جدانا) – وهو من طلاب محمدي المقربين- أن محمدي كان يسعى لتعبيد الطريق الرابط بين البحير وكيفا وتجهيزه حتى يختصر المسافة! كما كان يسعى إلى عالمية البحير من خلال الاستفادة من مكانة أبنائه في الخارج كأبناء مايأبي في المشرق ومحمد البيضاوي بن مانة الله في المغرب .

ومن ركائز مشروع محمدي الإصلاحي الاهتمام بالعلاقات العامة فقد كان محمد ى- رحمه الله – رجلا دبلوماسيا حيث نسج شبكة من العلاقات الدولية والمحلية منها علاقته بولي العهد السعودي ( سعود) والعلامة (محمد الأمين الشنقيطي)
والقاضي الشيخ محمد عبد الله ولدآدو الجكني وعلاقته بأهل سوريا ومشاركته لهم في ثورتهم -كما مر بنا- ناهيك عن علاقته بأهل مصر والمدينة المنورة
وعلى الصعيد الوطني صنع محمدي علاقات واسعة ولعل من أهمها علاقته بالرئيس المؤسس (المختار) -رحمه الله تعالى – وقدحدثني الوزيز والسفير السابق العلامة (عثمان ولد الشيخ أحمد أبي المعالي) أن المكانة التي نالها محمدي عند (المختار) لم ينلها شاعر في عصره !
كما حدثني رجل الاعمال (سعدنا ولدجدانا ) أن أول لقاء جمع بين محمدي والرئيس (المختار) كان في اندر سنة 1958 حيث قدم محمدي إلى أندر بغية لقاء المختار -وكان الرئيس (المختار) يستعد لاستلام رئاسة موريتانيا-
يقول سعدنا ولدجدانا فلما قدم محمدي إلى اندر طلب لقاء المختار فلما التقيا أنشده محمدي قصيدة يمدحه بها ولما انتهي محمدي من إنشاد القصيدة أخذ الرئيس ( المختار) ظرفا ووضع فيه فلوسا (لا يعلم عددها) وقدمها لمحمدي ! فقال له محمدي السيد الرئيس مع كامل الأسف أنا لست من شعراء الدريهمات أنا من شعراء العناية ورد محمدي الظرف للرئيس (المختار) وقال له خذوه حتى تجدوا صاحبه أنا أريد عنايتكم فوقف الرئيس ( المختار) وقال لمحمدي قل لي ماذا تريد ؟ فقال له محمدي لايمكن أن نقول لك حاجتى وهناك مسألة قدأهملتموها ولم تحتاطوا لها فقال له الرئيس (المختار ) وماهي ؟ فقال محمدي كيف تكون رئيس دولة وأنت لم تضع خريطتها في مكتبك فقال له الرئيس ( المختار) :لاحول ولا قوة الا بالله جزاك الله عني كل خير واستدعى الرئيس ( المختار) على الفور وزير التجهيز وجاءت إدارة الخرائط وعلقت خريطة موريتانيا في مكتب الرئيس ومحمدي جالس ثم قام محمدي وبين للرئيس ( المختار ) موقع البحير في الخريطة وقال له هذه مدينة البحير أريد منك أن تضع لي فيها مدرسة ومركزا إداريا وأن تعطيها عناية وأن تقوم بحفر بحيرتها وتعميقها حتى لا تنضب وتعمل فيها مرفأ فقال له الرئيس ( المختار ) نحن سنتحول إلى انواكشوط ووزير التعليم الحالي مؤقت وأول وزير للتعليم- بعدتشكيل الحكومة – سيكون من أول قراراته فتح مدرسة في البحير ثم قال الرئيس (المختار ) لمحمدي أنت مستواك العلمي أكبر من مدرس في البادية أنت ستكون معنا في العاصمة وسنعطيك منصبا يناسب مكانتك العلمية والتجريبية نحن نحتاج إلى علاقات في الخارج وأنت لك علاقات واسعة مع مصر والسعودية ولبنان والمغرب و لك أفق واسع تستطيع أن تعيننا به فقال محمدي للرئيس ( المختار ) إذا كنتم تريدون الاستفادة مني فأنا شرطي الوحيد أن تفتحوا لي مدرسة في البحير وتضعوا معها مركزا إداريا مع تعمير اقتصادي للمدينة “.
هكذا كان الحوار الذي جرى بين محمدي والرئيس (المختار) في أول لقاء بينهما مما يدل على أن محمدي رجل دولة يحاور من مركز قوة ويسمو على الوظائف والمناصب والمطالب وإنما يريد خدمة مجتمه والارتقاء به كما أن هذا الحوار يكشف جوانب من شخصية الرئيس (المختار) وأنه رجل ديمقراطي يقبل النصيحة ويستمع للرأي المخالف ويحاور بأدب ويريد مصلحة موريتانيا والاستفادة من تجربة محمدي الذي لم يألف أمثاله !

هكذا كانت العلاقة بين محمدي والرئيس (المختار) وقد تطورت هذه العلاقة حتى وصلت إلى درجة الصداقة لذا نجد محمدى كثيرا مايناجي (المختار) في قصائده الحماسية التى كانت تواكب مسار التنمية وتدافع عن مصالح الوطن العليا وثوابته الكبرى وتشيد بالإنجازات التي يشهدها – كما في قصيدة (انواكشوط )وغيرها – والآن مع إحدى هذه القصائد يقول محمدي – رحمه الله- في الترحيب بالرئيس ( المختار)
(من بحر الكامل )

شرح الصدور قدومك الخفاق/
أهلا وسهلا كلنا مشتاق /
بشرى لنا بقدومكم فتشنفت /
آذاننا وتداوت الآماق /
لك همة وثقافة تسمو بها /
شهدت بها الأقلام والأوراق/
حلم وعطف ترتديه وحكمة /
وتواضع والصبر والأخلاق/
يا أيها البطل الزعيم المرتضى/
لتعش رعاك الواحد الخلاق /
لا تسلم الوطن العزيز لطامع /
أرواحنا وقلوبنا عشاق /

ورغم الصداقة القوية التي كانت تربط محمدي بالرئيس (المختار) إلا أنه كان لايجامله في قول الحق كما في قصائده في الدفاع عن اللغة العربية وغيرها ولقدكان الرئيس ( المختار)- من جانبه- وفيا لهذه العلاقة حيث كان يحفظ لمحمدي مكانته ويكرمه ويبجله وكأن لسان حاله :
لقد ثبتت في القلب منكم محبة /
كماثبتت في الراحتين الأصابع /

ولقد جسد (المختار) – رحمه الله – هذه المحبة وهذا الوفاء من خلال حرصه على زيارة البحير حيث زاره مرتين كانت الأولى منهما في مستهل عام( 1967 )
وقد استقبله محمدي على شواطئ البحير في يوم جميل وفي لحظات تاريخية كان السرور عنوانها والوفاء شعارها ..
أما الزيارة الثانية فقد كانت في بداية عام ( 1970) بعد وفاة محمدي – رحمه الله تعالى- حيث جاء المختار- رحمه الله – إلى البحير للتعزية والمواساة وكان يومها يرتدى ثوبا أسود تعبيرا عن الحداد والوفاء لمحمدي- رحمهما الله تعالى-
وقد ظل الرئيس (المختار) – رحمه الله – وفيا لمحمدي – بعدوفاته -حيث أجرى راتبا لأسرته وظل يصلها بانتظام إلى أن جاء انقلاب يوليو (1978) على الرئيس(المختار) حيث توقف الراتب !
وقدحدثني سعدنا ولدجدانا أن محمدي أوصى المختار بثلاث قبل وفاته :
الأولى: تطبيق الشريعة الإسلامية قبل أن يغادر السلطة
الثانية : ترسيم اللغة العربية
الثالثة : ( وصية أسرية )

فرحم الله الرئيس (المختار ) وجزاه عن محمدي خير الجزاء

و كانت لمحمدي – كذلك – علاقات واسعه بالكثير من القبائل والجهات والرموز ومن ذلك علاقته بالسياسي البار ( أحمدو ولد حرمه ولدبابانا ) العلوي حيث مدحه بقصيدة
( من بحرالكامل) :
قلم البراعة ينتهي لك (أحمدو)/
ولك القضايا الغامضات الشرد/

هذا بالإضافة إلى علاقته برجل الأعمال (خطرى ولد حمادي) العلوي حيث كان محمدي ينزل عنده في ( كيفا ) وهو من أصدقائه المقربين وأهل وداده المشهورين- رحمه الله تعالى- وكذلك (محمد فال ولد حدأمين) العلوي وهو من رموز كيفا ومايزال حيا
هذا بالإضافة إلى مجتمعات أخرى يضيق عنها المقام
وفي إطار الحديث عن الرموز يجدر بنا أن نذكر قصيدة محمدي التي يرثي بها العلامة الأديب(محمد البيضاوي بن ماتة الله ) -عليه رحمات الله تترى- (من بحرالكامل ) :

مالي كأن ديار ( سوس) أمامي /
ترتج بين عواصف وغمام /
ثكلاء ترحمها القلوب حزينة /
وأنا أبيت بحيرتي وهيام /
…..
خير الولاة (محمد البيضاوي) من/
قاد السيادة آخذا بزمام /
أسفى على قمر يغيب شعاعه /
فتبدلت أنواره بظلام /

ومن علاقات محمدي بالرموز المشرقية ما تضمنته هذه القصيدة التي بعث بها في رسالة من مصر عام (1947) بمناسبة ترقية ابن عمه الشيخ محمد الامين ولد الشيخ محمد الخضر بن مايأبي من الإفتاء إلي منصبي وزير التربية والتعليم وقاضي القضاة في( الأردن) حيث يقول – محمدي – مهنئا ( من بحر الكامل ) :

ما للزمان تبسمت شفتاه /
وسبت عوارضه العقول فتاه/
ماللفتى يعلو على صفحاته /
لا غرو أن رفع الزمان فتاه /
ياسيدا حاز المعالي كلها /
رغم الحسود اهنأ رعاك الله /
سعدت خطاك إلى المعارف والقضا/
ولك النهي فاحكم بما تهواه /
ولك القرابة من مليك مرتضى /
ولك العلى من فضله والجاه /
منح يجود بها نبيل ماجد /
بدر يلوح على النجوم سناه /
عرس يدوم مدى الزمان مخلد/
نسب تسامى لايرام سماه /
أردنك الميمون ذي عرصاته /
نزه فؤادك بينها ورباه /
واشكر إلهك قبل كل معظم /
واشكر مليكك ذا كرا أبواه /
حرس الإله حياته ومماته /
وجزاه عنا رفعة وحماه /

وفي إطار العلاقات العامة-كذلك – يجدر بنا أن نذكر بعضا من طلاب محمدي في (البحير) و (كيفا )
اما طلاب البحير فمن أبرزهم معنا في القاعة شبخنا ولدحمودي وزينب بنت عبدول والقائمة تطول …

ومن طلاب كيفا :

1- سعدنا ولد جدانا ( رجل أعمال )
2- سيدي محمد ولد سيدينا (وزير الصيد سابقا )
3- ميمونة بنت سيديا
4- خالد ولدسيديا ( كان مهندسا في منظمة الملاحة الجوية)
5 – يسلم ولدباب أحمد
6 – بناهي ولد سيدي
7- المصطفى ولد اسويدانا ( دركي سابق)
وبعد الجولة في مشروع محمدي الإصلاحي ومايمتاز به من سمات ومعالم يجدر بنا أن نذكر بعض السمات الشخصية التي كان يمتاز بها محمدي – رحمه الله تعالى-
لقد حدثني رجل الأعمال (سعدنا ولدجدانا ) أن محمدي كان يمتاز بالأناقة وجمال المظهر وحسن الهندام وكان إذامشى لا يلتفت عن يمينه ولايساره وإنماينظر شطر وجهه
وكان يحرص على ارتداء الزي الوطني دائما و في كل المناسبات وكان لا يحمل الحقد ولا الحسد ولا يتكلم في أعراض الناس حتى الذين خالفوه وشتموه كان يقول عنهم “مساكين لم يتعلموا” وإذا سمع من يتكلم في أعراض الناس اشمأز خاصة إذا كان الشخص موجودا في المجلس وغادر
وكان شجاعا في التعبير عن رأيه ومواقفه لايجامل أحدا مهما كان موقعه ومركزه
وكان يقول إن خزائن الله واسعة وعلى الناس أن يعملوا
وكان يقول إن من كثر ماله ينبغي أن يكون كبير المائدة كثير الإطعام أما الكرم فحدث ولا حرج يقول (سعدنا ولدجدانا ) كان إذا استلم راتبه يبحث عن المحتاجين فيوزعه عليهم هذه بعض المعالم في شخصية محمدي حدثني بها تلميذه المقرب وابنه البار ( سعدنا ولدجدانا ) الذي شرف بصحبته ولازمه فترة من الزمن

وقبل المحطة الأخيرة يجدر بنا أن نؤكد أن محمدي – رحمه الله – قد طرق كل الأغراض الشعرية ماعدا ( الهجاء) فإنه لم يطرقه حيث تمنعه من ذلك نفس عزيزة وأخلاق سامية وتربية إسلامية وطموح إلى المعالي والمكارم !
والآن مع جانب الملح والطرائف- في شعر محمدي – لنقتطف من أزهاره ونشنف المسامع بدرره :
يقول محمدي ( من بحر الخفيف )

قنصتني قناصة الألباب /
ورمت بي واعنفوان شبابي/
عافت الشيب والذبول وقالت /
هو كهل شبابه في خراب /
شاحب في ثغره ثلمات /
تمنع الوصل من منى والرباب/
لا تبالي إلا ذوائب سودا /
حالكات كلون ريش الغراب /
ليتني في شرخ الشباب نضيرا /
أدمن اللهو والهوى والتصابي /

وله أيضا (من بحر الوافر ):

بكيت متى عرفت رسوم داري /
وماء العين منسكب وجار/
بكيت على الديار وساكنيها /
وما يجدي البكاء على الديار /
وما يجد البكاء لمستهام /
مصاب بالهيام والاد كار /
ديار دارسات كنت فيها /
أجر على جوانبها إزاري /
فلا زالت تباركها الغوادي /
ولابرحت تعلل بالسواري /
نهاري لايزيل ظلام ليلي /
وما ليلي بأظلم من نهاري /
هجرتك يا منازلنا دهور ا /
ولكن ما هجرتك باختيار /
على أسنى البحير وساكنيه /
ودور في جوانبه قفاري /
سلام كالشموس وكاللآ لي /
كنور البدر منكشف الخمار /
ونشر المسك ماهبت شمال /
وماغنت على طرب جوار /

ويقول في إحدى زوجاته ( من بحرالوافر):

تمادى الحب واشتبك الوداد /
بمريمه ولم تفلح ( سعاد) /
ولم تفلح فوارسها العوادي /
كماهزمت عساكرها وبادوا /
….
وطرف فاتر يرمي بسهم /
يصيد العاشقين ولايصاد /

مروري بالبحير غداة سيري /
قليل من ينوبك فيه غيري /
فإن لدى البحير لنا ديارا /
أقمناها بعافية وخير /
فلا تقس الديار إذا عليها /
ولا غيرالبحير على البحير /

وهذه الأبيات الثلاثة الأول منها لمحمدي والثاني للفقيه محمد ولد أحمدو والثالث للشاعر والأديب محمدولدبيدر ولد الإمام -رحم الله الجميع-

وقد كان للشعر الشعبي ( الأدب الحساني ) نصيب في أدب محمدي- كما في طلعة الأزهر – لكن محمدي لم يكثر منه وإن كان ما وصل إلينا يدل على ذائقة أدبية رفيعة في هذا المجال ومن ذلك قوله في البحير:

امال لبحير امسيكين /
واصل ادموع كان سياح/
ماحرك شوقي ماه إلين /
عاد اتفف فيه الرياح /

والآن مع المحطة الأخيرة في هذه الرحلة ( وفاة محمدي ) – رحمه الله تعالى -:

كان رجل الاعمال البارز (سعدنا ولد جدانا ) أحد طلاب محمدي المقربين وأحبابه المخلصين وأبنائه البررة المتميزين وقدرافق محمدي في الكثير من مواقفه ومجالسه ومحطات حياته لاسيما في مرضه الاول والاخير في انواكشوط
ويسرنا -من هذا المنبر – أن نقدم له أسمى آيات التقدير والعرفان وجزيل الشكر والامتنان على ما قام به من دور بارز وعمل صالح في خدمة محمدي سائلين الله تعالى أن يجعل كل أعماله في موازين حسناته –
كما يسرنا – في هذا المنبر كذلك – أن نسجل لمسة شكر ووفاء وتقدير وامتنان للأستاذ سيدي أحمد ولد الطالب هامه -ولعائلته الكريمة- حيث كان أول من جمع ديوان محمدي في رسالة جامعية في المدرسة العليا للتعليم في مستهل الثمانينيات من القرن الماضي سائلين الله تعالى أن يتغمده بواسع رحمته ويصب على قبره سحائب عفوه وشآبيب رضوانه
والآن نعود إلى الحديث عن وفاة محمدي – رحمه الله تعالى –
يقول : (سعدنا ولد جدانا ) لقد دخل محمدي المستشفى أولا ثم خرج منه وشعر بدنو أجله فقال لي أريدك أن تذهب معي إلي البنك الموريتاني للتنمية (BMD) لأسدد دينا علي! فقلت له هذا بنك للدولة كيف تقضيه ؟ فقال محمدي لا أحب القدوم على ربي وفي ذمتي دين لأحد ! فذهبا إلى البنك فتفاجأ البنك بشخص يريد أن يسدد ماعليه ففتشوا عن حساب محمدي ولد أحمدفال فوجدوه فتم تسديد الدين( وكان أقل من عشرين ألفا )
ثم دخل محمدي المستشفى من جديد -في مرضه الأخير- وازداد يقينا بقرب وفاته فخاف أن يدفن في انواكشوط وهو يريد أن يدفن في البحير أو”اركيبه” – إن لم يجد سبيلا إلى السفر إلى البحير –
يقول سعدنا فطلب مني أن أذهب إلى الخطوط الجوية الموريتانية – حيث كانت لديه تذكرة عودة عندهم إلي (كيفا ) – ولما كلمتهم في تأكيد العودة رفضوا بحجة أن محمدي يحتاج عناية طبية خاصة من سرير وطبيب وضمانات وأنهم غير مستعدين لسفره معهم – لكن الله سبحانه وتعالى يدبر الأمور –
وفي نفس الأيام دخل محمدن ولد داداه -والد الرئيس( المختار) – المستشفي حيث وضع في الغرفة التي بجانب غرفة محمدي فعلم سعدنا ومحمدي بالخبر فقال محمدي لسعدنا حاول أن تخبره أني هاهنا ونظرا لعلاقة سعدنا بالأطباء والحرس سمحوا له بالدخول على الرئيس (المختار) – حين جاء لزيارة والده – فقال له سعدنا السيد الرئيس محمدي ولدأحمدفال موجود في هذه الغرفة التي بجانبكم فرحب الرئيس( المختار ) وقال له والده ( محمدن) قم قم محمدي مقدم فذهب الرئيس (المختار) إلى غرفة محمدي فسلم عليه ورحب به وأعطاه الكثير من العناية وقال له
يا أستاذ لو كنت أعلم أنكم هنا لاتخذت إجراءات سريعة لعلاجكم والآن سأرسلكم إلى إسبانيا للعلاج وترجعون بالسلامة والعافية – إن شاء الله – لتأخذوا مكانكم في الحزب فأنت شاعر الحزب فقال له محمدي أنا الحين أشعر بدنو أجلي وحاجتي الوحيدة أن تساعدني لأدفن في البحير أو “اركيبة ” وحاولت مع الخطوط فرفضوا نقلي فقال له الرئيس (المختار) والله – إن شاء الله تعالى
يقول سعدنا فلما كان وقت السحر اجتمع علينا الوزراء والمدراء وزير الصحة ومدير المستشفى ووزيرالنقل ومدير الخطوط الموريتانية وبدأت إجرا ءات نقل محمدي وودعه سعدنا -في المستشفى- حيث حمل ( محمدي ) في سيارة إسعاف إلى المطار في موكب مهيب لتقلع به الطائرة إلى مطار (كيفا ) حيث كانت الجهات الإدارية – هناك – في استقباله بالإضافة لبعض أفراد الجماعة حيث ذهبوا به إلى مستشفى (كيفا ) وكان يغيب أحيانا وكلما استيقظ طالب بنقله إلى البحير ليدفن في ثراه وكانت الجماعة ترى أن النقل فيه صعوبة ثم صعدت روحه إلى خالقها وأخذ الله عاريته التي منحها وسكت ذلك اللسان الذي طالما نافح عن وطنه وأمته ولغته في الشرق والغرب ودفن ذلك القمر الذي طالما أضاء سماء المشرق والمغرب و موريتانيا وسجي ذلك الجسم النضير الذي طالما لفحته شمس موريتانيا وهو يربي أجيالا ويصنع أبطالا وأحيانا يحمل حقيبته في آخر شاحنة كبيرة يسابق الزمن ليصل إلى مؤتمر (العيون) قبل انتهائه حيث يدخل قاعة المؤتمر ليلقي قصيدته التي تردد صداها في جنبات المؤتمر فكانت مسك الختام ودرة البيان التي لم تترك مجالا للخطباء فقد كان محمدي فارس المؤتمر – رغم متاعب السفر وآثاره – حيث بلغ رسالته الخالدة :
( لسان الضاد يرمق بالعيون …)

وقد كانت وفاة محمدي في صيف (1969) حيث نقل إلى مقبرة ( أم لخبر ) في( كيفا) و دفن بها لتطوى صفحة مشرقة من تاريخ موريتانيا المعاصر لكن مشروع محمدي الإصلاحي مايزال حيا حيث حمله رجال أوفياء وأحباب كرماء وماتزال قصائد محمدي في اللغة والوطن والدفاع عن قضايا الأمة تتلى في المنابر والمجالس والمنتديات مشفوعة بالرحمات والدعوات …فما أجدره بقول الشاعر :
مضى ابن سعيد حين لم يبق مشرق /
ولا مغرب إلا له فيه مادح /
وما كنت أدري مافواضل كفه/
على الناس حتى غيبته الصفائح/
لئن حسنت فيك المراثي وذكرها/
لقد حسنت من قبل فيك المدائح/

رحم الله محمدي وأدام ذكره في العالمين وبارك في عقبه وطلابه أجمعين وجزاه عن الإسلام والمسلمين


 

زر الذهاب إلى الأعلى