ولد الرايس: لا بد من مراجعة اتفاقية رصيف حاويات الميناء
قال سيد أحمد ولد الرايس، عضو المكتب التنفيذي لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم، إنه لا بد من مراجعة اتفاقية الشراكة بين القطاعين العام والخاص التي منحت بموجبها صفقة تشييد رصيف للحاويات والمحروقات في ميناء نواكشوط المستقل.
وأكد ولد الرايس الذي يشغل منصب المدير العام لميناء نواكشوط المستقل، في مقابلة مع «صحراء ميديا» أنه «من دون احترام القانون الموريتاني ومراعاة مصالح الشعب لا يمكن أن تستمر الاتفاقية».
وكان التقرير النهائي للجنة التحقيق البرلمانية قد أوصى بمراجعة الاتفاقية الموقعة عام 2018 بين الحكومة الموريتانية آنذاك ومستثمر خارجي يملك شركة (أرايز موريتانيا)، وذلك بسبب خروقات كشف عنها التقرير النهائي.
ولد الرايس قال إنهم في ميناء نواكشوط اعتبروا «منذ الوهلة الأولى أنه من الضروري جدا مراعاة مصلحة موريتانيا في الاتفاقية، وأنها إن لم تكن رابحة بشكل مؤكد، فليس من الضروري الاستمرار فيها، وليس من الضروري التشبث بها، وهذا كان موقفنا نحن كميناء، وطبعا عززه تقرير اللجنة البرلمانية».
واعتبر ولد الرايس أن حديث اللجنة البرلمانية عن «أمور جنائية» في الاتفاقية من الممكن أن «يشكل مشكلة لأن ما بني على باطل فهو باطل.. فلو اقتصر الأمر على اختلالات إدارية يكون ذلك معقولاً، أما إذا كانت هنالك أمور جنائية فذلك سيعقد عملية التفاوض».
وأشار ولد الرايس إلى أن الاتفاقية بصيغتها الحالية تحمل «انعكاسات على رقم أعمال الميناء، وعلى شركات خاصة ومستثمرين وطنيين يعملون في القطاع منذ عدة عقود، واستثمروا فيه أموالا طائلة، وبالتالي لا بد من مراجعتها، حتى تضمن التوازن بين مصالح الجميع».
وأوضح ولد الرايس أن «مبدأ الشراكة بين القطاع والخاص قائم على منطق رابح – رابح، ولكن الاتفاقية الحالية فيها اختلالات جعلت الشركة الأجنبية هي الرابح الوحيد».
وحول إمكانية مراجعة الاتفاقية وآلية ذلك، قال ولد الرايس: «لمسنا في بعض الأحيان تعبيرا عن الرغبة في التفاوض، ولكنه حتى الآن لم يتجسد في خطوات ملموسة، ونحن نفضل الأفعال على الأقوال»، مؤكداً أن «الميناء اليوم هو المحور الرئيس، وواجهة الدولة في هذه المسألة»، وذلك بعد أن تم تغييبه عن المفاوضات السابقة.
وخلص ولد الرايس إلى أن «الميناء لديه تصور واضح لمصالح البلد، وتصور واضح للنقاط التي تجب مراجعتها، ومن دون مراجعتها من المستحيل أن تستمر الاتفاقية»، على حد تعبيره.
في غضون ذلك لم يصدر أي تعليق رسمي من شركة «أرايز موريتانيا» حول التقرير النهائي للجنة البرلمانية.
مبدأ المساءلة
وحول موقف الحزب الحاكم من التقرير النهائي الصادر عن لجنة التحقيق البرلمانية، قال ولد الرايس إن «موقف الحزب ليس من التقرير، وإنما من مبدأ فصل السلطات وتفعيل الدور الرقابي للبرلمان، في إطار السعي لتكريس الديمقراطية ومبدأ المساءلة».
وأكد أن «الكل مرتاح لهذا التوجه ولتكريس مبدأ المساءلة، وفصل السلطات، ولكن يبقى -كما نقول جميعا- أنه في دولة القانون لا بد من مراعاة حقوق الدفاع، وصون أعراض الناس وكرامتها، ويجب التثبت وإذا كانت هذه الملفات ستحال للقضاء يجب لكل فرد افتراض براءته حتى يثبت العكس، وكذلك صون حقه كمواطن في الدفاع عن نفسه بالطرق وبالشكل الذي يضمنه له القانون والأعراف».
ورفض عضو المكتب التنفيذي للحزب الحاكم أن تكون هنالك أي مساعي لتصفية الحسابات السياسية، وقال إن التنسيق بين المعارضة والموالاة «ناتج عن الجو الجديد والرغبة المتبادلة بين النظام وأحزاب المعارضة لتهدئة الأجواء السياسية».
وأضاف ولد الرايس المكلف من طرف الحزب الحاكم بالعلاقات مع الأحزاب السياسية، أن «الأمل في هذا التشاور وهذا التواصل وهذا المنبر المشترك، أن يتعزز أكثر فأكثر مع حفاظ كل طرف على موقعه، لأنه ليس من الضروري أن تحد القطيعة بين المعارضة والموالاة، قد نلتقي ولكن نختلف في التصور».
وقال ولد الرايس إن التنسيق والتشاور بين المعارضة والموالاة قد يقود إلى «بلورة عقد جمهوري على أساسه قد نختلف، ونكون أحزاباً متفرقة في المواقف ولكن هناك ثوابت نتفق عليها»، مشيراً إلى أنه في القريب ستصدر الأحزاب السياسية «بيانا مشتركا».
وحول إمكانية تنظيم حوار وطني، قال ولد الرايس إن هنالك مطالب بهذا الخصوص، قبل أن يضيف: «كما تعلمون سبق ونظمت الكثير من الحوارات، ولكن أي حوار يتطلب التمهيد، وحوارات تسبقه، ويتطلب تواصلاً هو الذي بدأ اليوم، وطبعا عندما يحدث الوفاق بين الأحزاب السياسية على ضرورة حوار، من الطبيعي أنه لن يرفضه أحد، وحزب الاتحاد من أجل الجمهورية سيكون أول الداعمين له».
حصيلة عام
وبخصوص حصيلة عام من حكم الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، قال ولد الرايس إن الوضعية الاقتصادية للبلد كانت «صعبة»، مشيراً إلى أن «مديونيته تقارب 5 مليارات دولار، أي نسبة 100 في المائة من الناتج القومي الخام، وتدفع عنها 300 مليون دولار سنوياً، أي أن موارد الدولة وميزانيتها فيها موارد ثابتة لتسديد الدين، وهي موارد لا توجه للصحة ولا التعليم ولا التشغيل، وهذا يحد من قدرة الدولة على مواجهة التحديات».
وأضاف ولد الرايس أن «نسبة البطالة في حدود ثلاثين في المائة، أي أن كل ثلاثة موريتانيين بينهم واحد عاطل عن العمل، وكل شابين بينهم واحد عاطل عن العمل، أما الفقر فكان متفشيا وتصل نسبته إلى ثلاثين في المائة، وهناك 800 ألف موريتاني سنويا يعيشون الهشاشة الغذائية ومعرضون دائما للمجاعة، زيادة على ذلك، وبشكل عام فإن مؤشرات النمو ضعيفة، وإذا نظرنا إلى المدرسة نجد أن نسبة النجاح في الباكالوريا أقل من خمسة في المائة، ولكن الأخطر من هذا أنه حسب اليونسيف هناك قرابة 450 ألف طفل موريتاني يتسربون من المدارس، وكل أسبوعين تموت 14 سيدة أثناء الولادة، وهذا يعني أن المنظومة الصحية هشة، وجاءت جائحة كورونا لتثبت هذه الهشاشة».
ولكن ولد الرايس أكد أنه رغم هذه التحديات والوضع الاقتصادي الصعب نجح النظام في تسيير جائحة كورونا «وتمت في إطار التصدي لكوفيد، وبرنامج أولوياتي، مساعدة أكثر من مائتي ألف أسرة، بنهج جديد وطريقة جديدة لأنه تم منحها مبالغ مالية نقدا بدل أن تختار في محلها، وفي إطار تشغيل الشباب كان هناك تعهد بخلق مائة ألف وظيفة في هذه السنوات الخمس، وحتى الآن تم خلق عشرين ألف وظيفة للشباب في كافة القطاعات».
وخلص ولد الرايس إلى أنه «كمحصلة سنة وفي ظرفية صعبة، وفي ظروف اقتصادية صعبة جداً، النظام استطاع أن يتخذ إجراءات هيكلية وجوهرية للحد من الفقر وأن يخلق فرص عمل، واستطاع أن يقوي القدرة الإنتاجية»، وفق تعبيره.
وأوضح أنه من «الناحية المالية اتخذت سياسة جمركية لتخفيض الأسعار، تساوي سدس ميزانية الدولة، وبالتالي كان التصدي يمتاز بقدر كبير من النجاعة، لأنك عندما تخفض الضرائب الجمركية على الأرز والمواد الأساسية، معناه أن مداخيل الدولة نقصت وفي ظرفية اقتصادية صعبة، والجميع يتوقعون انخفاض الناتج القومي الخام بنسبة 2 في المائة، لأن الطاقة الإنتاجية للعالم أجمع توقفت.