إحياء موات الوعي – محمد محفوظ المختار – كاتب صحفي
الموات هو ما لا حياة فيه من الأرض، أو هو الأرض الدارسة غير العامرة، هكذا تم تعريف الموات من طرف أغلب الدارسين المهتمين بالتصنيفات اللغوية، وتعريف إحياء الموات هو استصلاح الأراضي (…) وجعلها صالحة للزراعة، ولكي تصلح أذهان البشر يجب أن تستصلح بما ينفع الذهن ويفيد المتلقي، ولذلك عمدت البشرية منذ القدم إلى اقتناء الأفكار التي يمكن أن تخدمها في مسيرة تطورها المستمر بتعاقب الليل والنهار.
ولعل أهم ما يمكن أن يدفع بتطور البشرية وسائلها إلى الأمام هو صناعة وعي حقيقي قادر على أن يجعل يومها أحسن من أمسها وغدها أفضل من يومها ولا يتم ذلك إلا بالتمكن من ناصية ما يطلق عليه التواصل الفكري المباشر عبر تبادل المعلومات والذي تشكل عبر مراحل زمنية لاحقة ليتبلور على شكل إعلام تطور عبر التاريخ ليستلم زمام الأمور حينما تم تنصيبه سلطة رابعة في بناء المجتمع مسهما بذلك في تطوره الفكري ونمائه المعرفي.
ومن العجيب أن يشهد واقعنا الذي تطورت فيه وسائل الاتصال والتواصل بشكل متسارع تعاظم الدور الذي تلعبه الإذاعة وتنامي التأثير الميداني في عيون وعقول وأفكار المتلقي، ولعل الدور الريادي الذي برزت به إذاعة موريتانيا حديثا أبرز تجليات ذلك حيث يمكن تصنيفها اليوم – وبجدارة – بأنها قائدة لقاطرة المشهد الإعلامي العمومي، ولم تأت هذه الصدارة بمحض الصدفة إذ هي نتاج لتخطيط مدروس وإدارة محكمة ورؤية واضحة تعطي التغطيات الصحفية المواكبة للأحداث المهمة حقها، وتمنح الثقافة جانبا وتكرس التوعية توقيتا لا يمكن بحال من الأحوال أن يخفى على متتبع، إذ كيف يمكن تجاهل منصات التوعية الصحية والمسائل الاقتصادية والإشكالات المجتمعية التي تمس حياة المواطن وتقدمها في ثوب يمكن صاحب القرار من الإطلاع عن قرب على الإشكال بغية إيجاد طريقة ناجعة لحله والتغلب عليه.
إذاعة موريتانيا تحولت في ظل الإدارة الحالية إلى علامة مسجلة للتألق في المشهد الإعلامي الوطني ، وكل واحد منها يدرك أن نجاحها الباهر هذا ما هو إلا ثمرة لمتلازمة الرؤية الواضحة وبذل الجهد قصد استدرار منتوجية معرفية تمس حياة المجتمع وتفيده في عملية النهوض وتدفع به قدما على طريق التقدم نحو الافضل.
إن منهج القرب الذي تنتهجه إدارة إذاعة موريتانيا مجسدة في شخص المدير العام محمد الشيخ ولد سيدي محمد يتجلى في تقريب المعلومة الدقيقة والشاملة من المواطن وإبعاد شبح التضليل الذي قد يباغته على حين غرة عن طريق الشائعات بحسن نية، أو عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي التي غالبا ما يتم استخدامها بسوء نية لتمرير رسائل موغلة في التجني لا تخدم وطنا ولا تفيد مواطنا.
إن تعدد المشاريع الإذاعية ذات الأهداف المتعددة والاهتمامات المتباينة والذي تتميز به إذاعة موريتانيا في فترتها الحالية هو مصدر من مصادر نشر الوعي إذ سيجد المتابع ما روي ظمأه المعرفي ويشبع نهمه الثقافي، مما يمنحه مادة ثرية يشغل بها وقته وتنفعه في حاضره ومستقبله.
الإدارة الحالية انتشلت الإذاعة من واقع بائس كانت تتخبط فيه لتدفع بها إلى صدارة المشهد الإعلامي الوطني مبرهنة بذلك أن الإعلام الناضج الواعي والمسؤول المسلح بالمعلومة الصحيحة من غير تهويل ولا تهوين بعث من مواته وانتشل من سباته، ويتم تقديمه حاليا للمواطن على هيئة النبراس الذي لا يمكن لمن يريد الحقيقة الواعية أن يتخلى عنه، مبرزة حقيقة لا تخفى على أحد مضمونها: “إلزم إذاعة موريتانيا تجد النصح والتثقيف والإرشاد والخبر اليقين”.