قول على ” قول على قول “..

قرأتُ في موقع الأخبار منشورا بتاريخ
26 نوفمبر, 2024 للأستاذ محمدن بن إشدو تحت عنوان ” قول على قول “.
في الوهلة الأولى يبدو هذا “القول” كما سماه صاحبه كما لو كان ردّا على قول للنقيب ابراهيم ولد أبتي ، ولكن لا يخفى عن أي قارئ متبصر أنه يدخل في صميم ما أسماه الأستاذ الهيبه ولد الشيخ سيداتي مؤخرا ” استراتيجيات إشدو وأساليبه في الدفاع “.
ولكن قد لا تكون الحيل الواردة في هذا ” القول على قول ” من أدق تلك الاستراتيجيات والأساليب .. لأنها واضحة المغزى لأمثالنا من العامة فكيف بالخاصة من المختصين من فقهاء الشرع والقانون !
فالعميد إشدو في هذا المقال لا يخاطب نظيره أبتي مطلقًا وإنما يخاطب في الواقع الجهات الثلاث التالية خطابًا لو خاطبها به غيره لوصف بالسذاجة والغباء . فهو يخاطب أولا القضاة في محكمة الاستئناف ثم رئيس الجمهورية ثم رئيس المجلس الدستوري !
يخاطب القضاة في محكمة الاستئناف “متحديا” وملوحا بمدى مفاجأة ووجاهة الطعن في عدم دستورية المادة الثانية من قانون الفساد، ومدى خطورة هذا الطعن الأسطوري المفضي وجوبا إلى سقوط دعوى فساد العشرية حسب رأيه.
ويبدو طرحه هنا أكثر ذكاءً لأنه يحاول هذه المرة إرباك قناعات القضاة بإقحامهم في نقاش قانوني يعتمد جدلية مفتعلة بين المادة الثانية 2 من قانون الفساد و المادة 93 من الدستور ..
وينتقل العميد إشدو إلى فخامة رئيس الجمهورية ناصحا و “محذرًا” له من أن يسوقه مَنْ أسماهم “أصدقاءه الأعداء” إلى محاكم التفتيش – لا قدر الله – إذا لم يحكم المجلس الدستوري بخصوص هذا الطعن بما يقتضي البراءة المطلقة لموكله ، فيقول :” فهل سيبقى رئيس الجمهورية الحالي غافلا مغمض العينين مستسلما حتى يتم تجريده من سلاح المادة 93 من الدستور، ويساق، بصفته “وكيلا عموميا” من طرف أصدقائه الأعداء إلى محاكم التفتيش الانتقامية”؟. ونيابة عن فخامة رئيس الجمهورية أجيب بلسان الحال فأقول :” كل ذلك لن يقع إن شاء الله “!
وفي الأخير يخاطب العميد إشدو رئيس المجلس الدستوري “مستعطفا” أو ” محفّزا ومشجعا ” على الأصح ومخاطبا فيه روح النخوة والوفاء فيقول في أسلوب يخاله أنسب يصف فيه المجلس بالموقر ويذكر رئيس المجلس بأنه في آخر مأموريته التي ابتدأها في عهد سابق وباختتامها يُختتم مساره المهنيّ الذي يصفه بالحافل وهي صفة حميدة لو لم تتبعها مباشرة وصفه بالدمية يستخدمها أحد الأطراف لمجرد التوقيع قبل الانصراف فيقول :”أم هل يتصور أن يقبل رئيس المجلس الدستوري الموقر في آخر مأموريته ومساره المهني الحافل، أن يكون دمية يملي عليه النقيب ابراهيم ولد أبتي أن رئيس الجمهورية في نظام رئاسي هو “وكيل عمومي” ثم يوقع ويمشي؟!
ويختم إشدو قوله على قول زميله الأستاذ أبتي فيقول في خطاب مشترك بينهما هذه المرة :”ونحن في عالم المحاماة في موريتانيا معرضون – إلا من رحم ربك – لإكراه تقديم تقارير وردية إلى زبنائنا، والرد على استفساراتهم التي لا ترحم!وهذا أمر مقرف حقا!
ولا شك أن هذا التقرير المتضمّن في هذا القول على قول هو من أكثر تقارير المحامين ورديةً و{لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَن رَّحِمَ}.ولله الأمر من قبل ومن بعدُ ..

محمد محفوظ المختار – كاتب صحفي

زر الذهاب إلى الأعلى