الأستاذ. والصحفي محمد الشيخ ولد سيد محمد يكتب: الكراهية والجريمة لا وطن لهما
ما جرى في نيوزيلندا من رفضٍ رسميٍّ للمذبحة ضد المصلين ونبذٍ لخطابات الكراهية لليمين المتطرف؛ وما جرى بالأمس القريب في كندا من اعتبار دهس أسرة من المسلمين عملا إرهابيا قذرا ومشينا، و من إعلان القيادة وقادة الرأي بأن هناك ارتباطا عضويا بين خطابات الكراهية والاعتداء اللفظي وأنواع الجرائم المنظمة التي تديرها شبكات تجار المخدرات والسلاح وتبييض الأموال، هذه العصابات التي تدير الكازينوهات والأسواق العقارية، وتتفنن في شبكات غسيل الأموال المحرمة والتهريب، وتحارب الأخلاق والقيم الرسالية هي التي تسلب البرآء أرواحهم وأعراضهم وأموالهم وتعرض القيم الجمهورية وقيم المواطنة، وهيبة القانون و قواعد السلم الاجتماعي و الاستقرار والسكينة العامة للأحياء الشعبية والضواحي إلى التهديد المبرمج والتلاعب المسيس.
تاريخ المافيا المالية والسياسية يدرس الآن في الجامعات وتنتج حوله المسلسلات، وهدف أفراده الجانحين هز الاستقرار والأمان الاجتماعي من أجل سرقة السلطة ونهب المال العام والسطو على عقول القوة المحركة شباب الأمة وفتيانها؛ و لم يعد من الممكن تجاهل الأثر البالغ لمن يتاجر بخطابات الكراهية ومن يحمي المتاجرين بالمخدرات، هذا “العش الهش” الذي يدير مافيا مالية وسياسية وإعلامية بأشكال حرابة وفساد في الأرض طالما حمى المهووسين وعديمي القيم والأخلاق وتحرر من واجبات المسؤولية، وهاجم بصلف وبحقد المشرع والقانون والسلطة التشريعية والقضاة وأعوان السلطة العمومية، واستهزأ بمبادئ الحياء العام.
صحيح أن الحياة هدف وأن الدين معاملة وللاستدلال على ذلك نرى سيدنا عمر بن الخطاب لما رأى مجموعة من الناس موقدين النار نادى: “يا أهل الضوء” ولم يقل “يا أهل النار” خشية أن تجرحهم الكلمة الخبيثة. ونقرأ أن الحسن والحُسين رضي الله عنهما لما رأيا رجلاً كبيراً يتوضأ خطأً قالا له : نريدك أن تحكم بيننا من فينا الذي لا يُحسن الوضوء، ولما توضآ أمامه ضحك وقال: أنا الذي لا أحسن الوضوء.. ونجد في كتبِ التراث أن الإمام الغزالي رحمه الله عندما جاءه شخص وقال: ماحكم تارك الصلاة ؟ قال : حكمه أن نأخذه معنا إلى المسجد. فالناس تتفاوت في الحكم كما تتفاوت في الأخلاق ولا حياة لمن لا دين له ولا أخلاق.
يجب أن تطال اليد البيضاء للعدالة كل الأوكار، وأن تجتث كل الخلايا المجرمة وأن ترصد وتوصد كل أبواق التحريض؛ ولكن الحل الحقيقي يكمن في قتل القاتل وتعزير من يثير الفتن بيده أو بلسانه، وألاَّ يترك القطط السمينة لهذا العش الهش تأكل التراث أكلا لما، وتعيث الفساد في الأرض لحما ودما.