وأن تصوموا خير لكم…..
شن رئيس حزب قوى التقدم؛ ما تبقى منه، هجوما لاذعا على النظام مستخدما قاموسا يذكر بسنوات المجابهة بينمن من المعارضة والموالاة، مجابهة حرص هذا النظام على تجاوزها إلى حالة تهدئة سياسية هدفت إلى الانفتاح على المعارضة والاستماع لخطابها الوطني دون حاجة إلى تشنج واتهامات متبادلة… فاستقبل الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني زعماء المعارضة ومن ضمنهم رئيس حزب قوى التقدم، فكان اللقاء وديا ومثمرا حسب تصريحه. وأشركت المعارضة في القضايا الوطنية؛ جائحة كرونا أنموذجا… كل ذلك بهدف إشاعة الثقة المتبادلة بين الأغلبية المطلقة والمعارضة المتصارعة، لخلق أجواء هادئة تمكن الأغلبية من الاشتغال بالبرامج التنموية تنفيذا للتعهدات التي نالت بموجبها ثقة الشعب الموريتاني، وتنهض المعارضة بدورها الرقابي دون حاجة إلى الصراخ، والتهويل والتشنج، إذ لم يعد هناك جدار عازل بين الأغلبية والمعارضة، ولا حاجة للصراخ في وجه جليسك المنصت لك!!!
غير أن استمراء عادات لفترة طويلة يرسخها في السلوك حتى يصعب التخلص منها حتى لو انعدمت الحاجة إليها.. فقد كونت معارضتنا لنفسها تصورا يفرض عليها سلوكا متشنجا، فلا ترى نفسها إلا فيه، ما يفقدها القدرة على التطور ومواكبة الأحداث.. فحين يتحدث رئيس حزب قوى التقدم عن “مفترق طرق.. التلاعب.. تعفن.. مستنقع…” تحس أن خطابه لا يصف واقعا بقدر يستعيد قاموسا من الذاكرة يصعب إحلال لغة تترجم الواقع محله. فالقاموس اليساري قاموس سلبي، لأن الفكر اليساري فكر نقدي في نشأته، ومن ثم كان لابد لرئيس حزب قوى التقدم، لكي يحافظ على خطه الأصولي، من أن يرى من “موقعه” المعارض، مفترق طرق، ومستنقعا، ويتوهم التلاعب، ويستطيب، بعد الشفاء، الروائح مهما كانت… ليرسم بألوان الرؤى، والتوهم والروائح، لوحة “الحكامة السيئة وانعدام الشفافية”… نفس اللوحة التي اتهمه “الرفاق” بالعكوف عليها لسنوات في معمل الحزب مستعينا بالأقارب حين سئم ملاحظات الرفاق فدفعهم إلى “الشارع” الفاصل بين الجامع ومقر الحزب علهم يتنسكون، لكنهم “تجمعوا” غير بعيد ليصبحوا “ديمقراطيين تقدميين”. فلطالما شجبوا سوء حكامة رئيس الحزب، وعدم شفافيته.
يقترح رئيس حزب قوى التقدم، لتجاوز “سوء الحكامة وانعدام الشفافية” حلا طريفا.. “نزاين الشرك”!! ربما كانت لغة “الأكل” مستغربة في فم زعيم يساري معارض، وفي شهر الصيام.. فلطالما اتهمنا في الأغلبية ب”الأكل” بل الإفراط فيه، وكنا نعتقد أن المعارضة، بجميع أطيافها، تدعونا إلى الإقلاع عن ما تتوهمه حفاظا على الوطن وموارده، لكن رئيس حزب قوى التقدم يعلن غير ذلك!! وبذلك يظهر أننا، في الأغلبية، لا نواجه معارضة برامج تقدم على أنها تخدم الوطن أفضل من برنامجنا، وإنما معارضة “طعام الواحد يكفي الاثنين.. ووالله لا يؤمن من بات في السلطة وجاره في المعارضة جوعان…” لكن الله يقول..”و أن تصوموا خير لكم”، وفسرت السنة الصوم.. “من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه”،
من صفحة الدكتور : محمد إسحاق الكنتي